لم أحبذ يوماً أن تُلبس الأم طفليها التوأم “موديلاً” واحداً من الثياب. كنت وما زلتُ أجد في ذلك نوعاً من التنميط والتشابه غير المقبولين، إلى أن خلصت إلى أنني بالكاد أحتمل ارتداء الجوارب في قدمي، خصوصاً أنه غالباً ما تضيع “فردة” من الجورب وتبقى الأخرى أثناء الغسيل، حتى لتظن أن هذا الثنائي غير قادر على الاستمرار معاً.
وقررت أن أرتدي الجوارب كيفما اتفق وكما أجدها، بغضّ النظر عن اختلاف اللون أو الطول أو الموديل.
قد يكون مشهد الجوارب الصوفية الملونة من أكثر الصور التي تُشعر بالدفء في الشتاء، خصوصاً إذا ما ترافقت مع المدفأة.
وفي كثير من الأوقات، تكون الجوارب أول ما تحوكه الأمهات لأطفالها، حتى قبل ولادتهم.
انطلقت منذ عامين حملة “الكثير من الجوارب”، لارتداء جوارب غير متطابقة في اليوم العالمي لمتلازمة داون، في 21 مارس (آذار)، بهدف التوعية بشأن هذه المتلازمة.
وقد لفت رئيس مجلس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، الأنظار في مؤتمر دافوس الاقتصادي عام 2018، إذ كان يرتدي بزة رسمية وجوارب “ولادية” عليها رسوم شخصيات كرتونية.
ما أثار الانتقاد أولاً ثم الاحترام عندما عُرف السبب.
فترودو أراد أن يدعم مؤسسة تدعى “John’s crazy socks” يملكها شاب ولد بمتلازمة داون، يدعى جون كورنين، وهدفه رسم الابتسامة عند مشاهدة جواربه.
وكان سبق لترودو أن ارتدى جوارب غير متطابقة وجوارب عليها رسوم عدة منذ العام 2016 في محافل دولية مختلفة.
كثيرة هي الجوارب التي تجبر الناس على تأملها.
وتذكرنا الجوارب الكبيرة والملونة بعيد الميلاد، وشخصية بابا نويل الذي يملأ الجورب بالهدايا والشوكولا والحلوى. وكانت جوارب الأطفال معروفة بالألوان والشخصيات، إلى أن أصبحت تُنتَج هذه الموديلات وغيرها للكبار رجالاً ونساء.
ومن أطرف الجوارب تلك التي تُكتب على أسفل القدم أو عند الكاحل عبارات قصيرة مثل “احضر لي قهوتي”، “لا تكلمني اليوم”، “أشعر بالبرد”، “أنا نائم لا توقظني”، “إنني ألعب فلا تزعجني”، وغيرها من العبارات المضحكة…
وتعمل بعض المحال لإضفاء طابع شخصي على الجوارب من خلال طباعة جملة مبتكرة أو شخصية، كأسماء أو عبارات أو صور بحسب الطلب.
على الرغم من أن اكتشافات حديثة أظهرت أن المصريين القدماء كانوا أول من ابتكر الجوارب، وقد استعملها الرومان والإغريق لتدفئة القدمين، والعرب للوقاية من رمال الصحراء، فإنها لم تأخذ حيّزها الخاص في الاستخدام اليومي والموضة إلا لاحقاً.
ففي القرن الخامس عشر كانت حكراً على الرجال، ولا أحد ينسى صور وتماثيل ملوك أوروبا يرتدون الجوارب الطويلة والبيضاء، والسراويل القصيرة الضيقة.
وفيما كان الرجال يظهرون أجسامهم باللباس الضيق الذي يظهر أعضاء الجسم دلالة على التباهي بالقوة والرجولة، كانت النساء يرتدين الفساتين والتنانير الطويلة لإخفاء مفاتنهن، إلى أن بدأ عصر السروال الطويل للرجل والتنانير القصيرة للنساء.
وأصبح لا بد من أن تطول جوارب المرأة وتقصر جوارب الرجل، إلى أن وصلت إلى الحد الذي نعرفه اليوم.
وكانت الجوارب الطويلة للمرأة تثبّت بحزام الجوارب ومشدات وملاقط خاصة، إلى أن وصل الأمر إلى الجوارب الطويلة التي تصل إلى الخصر وتسمى “كولون”.
أما الجوارب النسائية المصنوعة من النايلون، فهي حديثة نوعاً ما، فقد ظهرت بعد تصنيع النايلون بخمس سنوات، أي عام 1940، وبيع منها في الولايات المتحدة وحدها في ذلك العام ما يفوق 60 مليون زوج.
ومن ثم تدرج تصنيع الجوارب، هذه من الحرير الاصطناعي أو الليكرا أو النايلون، وتُزين برسوم الأزهار والفراشات والزركشات، وتنوعت ألوانها وأشكالها وحبكتها وكثافتها، وباتت حاجة يومية للنساء، على الرغم من أن معظمها هشّ وقابل للتمزق بسرعة.
يعتبر الستاليست اللبناني سيدريك حداد الذي يختار ثياباً ويهتم بمظهر عدد من الفنانات والمذيعات والشخصيات، أن جوارب الرجل يجب أن تكون دوماً بلون حذائه، “هذا هو الإتيكيت المتعارف عليه”.
ويقول إن هناك طريقة أو موضة إيطالية تتيح للرجال الذين لديهم اهتمام بالموضة تغيير لون الجوارب أو ارتداء جوارب بنقوش.
“مثل بذلة كحلية مع حذاء بني وجوارب بوردو”.
ويفضّل سيدريك أن تكون الجوارب من القطن أو الحرير، وأن تكون رقيقة.
ويوضح أن جوارب النايلون إضافة إلى كونها غير صحية للقدمين، هي غير مناسبة في موضوع العناية بالنظافة.
وعن الجوارب السميكة، يقول إنها ترتدى مع أحذية الرياضة فقط، وبعضها يكون طويلاً مثل جوارب لاعبي كرة القدم، ولا يمكن ارتداؤها مع الثياب غير الرسمية، معتبراً أنه في الصيف يجب ألا تظهر الجوارب مع الأحذية غير الرسمية فتكون قصيرة جداً، بحيث يظهر الرجل كأنه لا يرتديها.
أما في الشتاء فيمكن أن تظهر وتكون بلون الحذاء.
وفيما يخصّ السيدات، يقول سيدريك إن الأمر سيّان، إذ يجب أن تكون الجوارب بلون الحذاء.
ومن الممكن برأيه أن يظهر فيكون صيفاً تحت عظمة الكاحل، وفي الشتاء أطول وأكثر سماكة.
لم يستسغ سيدريك موضة الجوارب مع الصنادل المفتوحة التي درجت لفترة، لأن الصنادل برأيه صممت لإظهار الأصابع، ما يضفي أنوثة أكثر على شكل القدم.
وعلى الرغم من أن هناك سيدات يرتدينها بطريقة مبتكرة تبقى غير مستحبة.
أما الجوارب الطويلة الملونة مع التنورة القصيرة، فإنها برأيه تقسم الجسم وتجعله يبدو قصيراً، ومن المستحسن أن ترتديها السيدات متوسطات الطول والطويلات، أي ليس أقل من 160 سنتيمتراً.
وعن جوارب الكولون النايلون المسماة “Tights”، يقول سيدريك “السميك وغامق اللون للشتاء، أما الرقيق والفاتح فللصيف، مع العلم أن معظم السيدات لا يرتدينها في الصيف، وفي حال أرادتها يجب أن تكون بلون البشرة أو أغمق بدرجة”.